أخر الاخبار

الأسرة | مفهوم الأسرة

 

مفهوم الأسرة
مفهوم الأسرة

  • الأسرة | مفهوم الأسرة

"الأسرة: رابطة الحياة والتماسك الاجتماعي في اللغة والدين"

في اللغة، تأتي كلمة "الأسرة" من جذر عربي يتألف من الحروف (أ - س - ر)، وتعني إحكام الربط ومتانته، وشدة التصاق أجزاء التكوين ببعضها. يظهر جليًا مدى أهمية هذا الربط والتماسك عندما نلقي نظرة على المفهوم الديني للأسرة.

ففي القرآن الكريم، وبناءً على الجذر اللغوي، يقول الله تعالى: "نحن خلقناهم وشددنا أسرهم وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا" (الانسان:28)، مما يعني إحكام خلقهم وتكوينهم بشكل كامل من خلال المفاصل والعظام.

في اللغة العربية، يُطلق على الجندي المقبوض عليه في الحرب اسم "أسير"، تعبيرًا عن ربطه وتكبيله لضمان عدم هروبه. ويُشير القرآن أيضًا إلى تقديم الرعاية وتوفير الغذاء للمحتاجين، بما في ذلك المساكين والأيتام والأسرى.

وفي مجالات الفقه الإسلامي، تأتي كلمة "الأسرة" في سياق يشير إلى الرهط الأدنى وعشيرته، وتُستخدم للإشارة إلى الرابطة القوية بين أفرادها. يقول المرتضى الزبيدي: "الأسرة هي الدرع الحصين، وتُستخدم للإشارة إلى الرهط الأدنى وعشيرته، لأنهم يتقوون بها".

ومن خلال هذه المعاني اللغوية، يظهر كيف اشتقت كلمة "الأسرة" لتمثل رابطة محكمة، ودرعًا قويًا يحمي أفرادها ويمنحهم القوة والدفاع المتبادل.

وعلى الرغم من عدم ذكر كلمة "الأسرة" بالمعنى الحالي في القرآن الكريم، إلا أنها ظهرت في حديث الرسول محمد صلى الله عليه وسلم في قصة اليهودي الذي زنى وأُتي به إلى الرسول. وخلال الحادث، قالوا: "ثم زنى رجل في أسرة من الناس"، حيث تُستخدم الكلمة للدلالة على جماعة محددة.

وفي قصة زيد ابن حارثة رضي الله عنه، تظهر الكلمة في الشعر الإسلامي عندما أعلن زيد عن نفسه بكونه "أسيراً" للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، معبرًا عن ولاءه وتمسكه بالإسلام.

بهذا السياق، ندرك أن الأسرة ليست مجرد مجموعة من الأفراد، بل هي رابطة تتسم بالقوة والتماسك، تُعزز بالحب والرعاية، وتُظهر الوحدة والتماسك الاجتماعي.

فهم الأسرة من منظور عدة علماء

تظهر الأسرة كمفهوم دينامي يتغير بناءً على تطور وظائفها وأدوارها، ولذا لا يوجد تعريف دقيق يمكن تطبيقه على جميع الأحوال. يقدم بعض التربويين تفسيرات متنوعة لمفهوم الأسرة:

بوجاردوس:

يرى بوجاردوس أن الأسرة هي روابط عاطفية تجمع بين الوالدين وأطفالهما في منزل واحد. الغاية الرئيسية للأسرة هي تربية الأطفال لتحولهم إلى أفراد فاعلين في مجتمعهم.

وستر مارك:

يرى وستر مارك أن الأسرة تتكون من مجموعة من الأفراد الذين يتصلون بروابط مادية ومعنوية، مما يشكل أصغر وحدة اجتماعية في المجتمع.

ماكيفر:

يرى ماكيفر أن الأسرة تشمل الروابط المعنوية التي تربط الوالدين مع أطفالهما والأقارب. يبدأ هذا الاتصال بالعلاقات الغريزية بين الأب والأم.

جيرالدليسي:

يرى جيرالدليسي أن الأسرة هي مؤسسة اجتماعية تهدف إلى تربية الإنسان داخلها، حيث يعزى الإنسان إنسانيته إليها.

محمد قنديل وصافي ناز شلبي:

يرى هؤلاء العلماء أن الأسرة تشكل روابط بيولوجية تبدأ بالزواج وإنجاب الأطفال. تقدم الأسرة بيئة لرعاية الأبناء وتنشئتهم في جو من الهدوء والمحبة.

باختلاف هذه الرؤى، تظهر الأسرة كمفهوم شامل يتجاوز الروابط البيولوجية، حيث تلعب دورًا أساسيًا في بناء الفرد وتكوين شخصيته. يظهر هذا التفاعل المعقد بين أفراد الأسرة في تحديد طبيعتها ووظائفها، مما يبرز أهميتها كأساس للتماسك الاجتماعي وتطوير الأفراد في مجتمعهم.

أهمية الأسرة في المجتمع الحديث

في ظل التحديات والضغوطات التي نواجهها في العصر الحالي، تزداد أهمية الحاجة إلى العيش في أسر صحية ومتماسكة. يترتب على ذلك العديد من الفوائد التي تسهم في تحسين جودة الحياة والتفاعل الإيجابي في المجتمع. من بين هذه الفوائد:

تلبية الاحتياجات الأساسية:

يقوم الفرد المسؤول عن الأسرة بتوفير الاحتياجات الأساسية مثل الماء والغذاء والمأوى، مما يساعد الأفراد غير القادرين على تأمينها بأنفسهم.

تلبية احتياجات الحب والانتماء:

تُعتبر الأسرة بيئة مثلى لتلبية احتياجات الحب والانتماء، خاصةً عندما يسودها الحب والسكينة.

توفير المال:

يساهم العمل وتوفير الدخل في تلبية احتياجات الأسرة المختلفة وضمان حياة كريمة لأفرادها.

تحقيق السعادة والرضا:

تفاعل أفراد الأسرة وممارستهم لأنشطة متنوعة يساهم في تعزيز السعادة والرضا بينهم.

تشجيع الأهالي على العيش بنمط حياة صحي:

تشجيع الأسرة على نمط حياة صحي يسهم في المحافظة على صحة أفرادها وتعزيز جودة حياتهم.

حياة صحية أفضل للأطفال:

العيش في أسرة توفر الرعاية الصحية الشاملة يعزز صحة وسلامة الأطفال ويوجههم نحو نمط حياة صحي.

زيادة عمر الآباء:

أظهرت الأبحاث أن الآباء الذين يعيشون في أسر صحية يمكن أن يعيشوا لمدة أطول.

تقديم الدعم للأفراد:

الأسرة توفر استقرارًا لأفرادها وتقدم الدعم المادي والمعنوي والعاطفي لهم.

ملاحظة ظهور المشاكل وتقديم الدّعم:

تمكن الأسرة من ملاحظة ومعالجة المشاكل التي قد يواجهها أحد أفرادها، مما يسهم في تقديم الدعم اللازم.

تقديم الدّعم عند المرض:

في حالة المرض، تكون الأسرة داعمًا حيويًا للفرد المصاب، سواء عبر تقديم الرعاية الطبية أو الدعم العاطفي.

الانخراط في المجتمع والمساهمة في تطويره:

يُعزز العيش في أسرة منظومة القيم والمسؤوليات، مما يُشجِّع أفرادها على المساهمة في تطوير المجتمع والانخراط الإيجابي فيه.

باختصار، تظهر الأسرة كركيز أساسي في بناء المجتمع الحديث، حيث تلعب دورًا حيويًا في تحقيق التوازن والاستقرار في وحدتها وفي المجتمع بشكل عام.

وظائف الأسرة

تلعب الأسرة دورًا حيويًا في بناء المجتمع وضمان استمراريته. تتنوع وظائف الأسرة بحسب تطورات المجتمع وتغيراته، حيث تشكل هذه الوظائف أساسًا للحفاظ على استقرار الحياة الاجتماعية. فيما يلي توضيح لبعض هذه الوظائف:

الوظيفة البيولوجيّة:

تتمثل في الحفاظ على استمرار الحياة من خلال التكاثر وضمان بقاء النوع الإنساني، ويتحقق ذلك من خلال إشباع الرغبات الجنسيّة بوسائل شرعية مثل الزواج.

الوظيفة الاجتماعيّة:

تشمل تربية الأطفال وتأهيلهم للمشاركة الإيجابية في المجتمع، مما يمكنهم من تطوير المهارات والخبرات اللازمة للحياة الاجتماعية.

الوظيفة الاقتصاديّة:

تتأثر الحياة الأسرية بالتطوّرات الاقتصادية، حيث يُلزم الأفراد الآن بالعمل خارج المنزل لتلبية الاحتياجات المتزايدة.

الوظيفة الحضاريّة:

تتضمن إعداد أجيال صالحة للمشاركة الإيجابية في المجتمعات الحضارية وتبني سلوكيات تتناغم مع طبيعة هذا المجتمع.

الوظيفة العاطفيّة:

تقوية الروابط العاطفية بين أفراد الأسرة تعتبر جزءًا أساسيًا من دورها.

الوظيفة النفسيّة:

تلبية الحاجات النفسية للفرد، مثل الانتماء والحب وتقدير الذات، تُعتبر أهمية متساوية للحاجات الأساسية.

وظيفة المَكَانة:

تُحدد مكانة الأسرة المكانة الاجتماعيّة لأفرادها في المجتمع.

الوظيفة الحماية:

تُوفر الأسرة الحماية لأفرادها، سواء اقتصادية أو جسمية أو نفسية، وتتحمل المسؤولية في فترات صغر الأطفال وتنتقل بعد ذلك إلى الأبناء.

الوظيفة الدينيّة:

تلعب الأسرة دورًا أساسيًا في تعليم أفرادها القيم الدينية وكيفية أداء العبادات.

الوظيفة الترفيهيّة:

تساهم الأسرة في تحقيق الترفيه من خلال إقامة فعاليات ممتعة مثل حفلات أعياد الميلاد أو الرحلات العائلية.

الوظيفة الإحصائيّة:

تُستخدم الأسرة كوحدة مهمة في جمع البيانات الإحصائية، مما يساعد في استخدامها في المشاريع الاستثمارية.

تُظهر هذه الوظائف التنوع والأهمية الكبيرة التي تلعبها الأسرة في تشكيل هويتها وتأثيرها على التنمية الشاملة للفرد والمجتمع.

خصائص الأسرة

تتميز كل أسرة عن غيرها بخصائصها الفريدة والتي تشكل جوهر هويتها، ورغم التباين الواضح بين الأسر، يظل هناك مجموعة من الخصائص التي تتشارك فيها جميع الأسر داخل المجتمع الواحد، منها:

الزواج كأساس:

تقوم الأسرة على أساس الزواج، ويعد هذا المصطلح أمرًا مقررًا اجتماعيًا. إن نشأة الأسرة وتطوّرها يتوقفان على مفهوم المجتمع بأسره وليس على مفاهيم فردية.

الأساس الذي يؤثر في الأخلاق والتربية:

تُعَتَّبر الأسرة الأساس الذي يؤثر في أخلاق أفرادها وكيفية نشأتهم. إذ تشكل صفاتهم وسلوكياتهم وأخلاقهم وعاداتهم وتقاليدهم بما يتناسب مع خصائص الأسرة التي ينتمون إليها.

النظام الأسري كنظام:

يُمكن اعتبار الأسرة كنظام يتفاعل مع الأنظمة الاجتماعية الأخرى، حيث يؤثر ويتأثر بها، وتكون هذه التفاعلات جزءًا لا يتجزأ من تشكيل هيكل الأسرة.

الوحدة الاقتصاديّة:

تُعَتَّبر الأسرة وحدة اقتصادية، حيث كان أفراد الأسرة في الماضي يستهلكون ما ينتجونه في محيط منازلهم. مع التطورات، أصبح للأسرة دور اقتصادي أوسع، ويشمل عمل أفرادها خارج المنزل للمساهمة في التطور الاقتصادي.

وحدة إحصائية:

تُستخدم الأسرة كوحدة إحصائية في مشاريع استثمارية، حيث يعتمد على البيانات الإحصائية لحساب عدد السكان في منطقة معينة أو مستوى المعيشة، مما يبرز دورها الكبير في هياكل المجتمع.

المصطلح الذي قدمه المجتمع:

تعد الأسرة المصطلح الذي قدمه المجتمع لتحقيق غرائز ودوافع الإنسان الطبيعية والاجتماعية من أجل استمرار الحياة.

تبرز هذه الخصائص العامة للأسرة دورها الكبير في تكوين النسيج الاجتماعي وكيفية تأثيرها على تطور الأفراد والمجتمع.

إدارة العلاقة الزوجية

الحفاظ على علاقة زوجية قوية يعد أمرًا أساسيًا لتحقيق التوازن والسعادة بين الزوجين. لتحقيق هذا الهدف، يلزم اتباع مجموعة من الممارسات التي تُسهم في الحفاظ على قوة العلاقة الزوجية، ومن بين هذه الممارسات:

الاحترام المتبادل:

يشكل الاحترام الأساس في العلاقة الزوجية، ويتضمن تجنب نقد الشريك أو الاستهزاء به، حيث يسهم هذا في خلق بيئة إيجابية للتفاعل والتواصل.

الحفاظ على العلاقة الودية:

تُعتبر العلاقة الودية بين الزوجين عنصرًا أساسيًا، ويسهم في تعزيز التواصل الإيجابي والتفاهم المتبادل، مما يسهم في تحقيق توازن صحي في العلاقة.

عدم الإصدار قرارات نيابةً عن الشريك:

يجب على كل زوج تحمل مسؤولية القرارات التي يتم اتخاذها، دون اللجوء إلى إلقاء اللوم على الشريك. هذا يساهم في تعزيز التفاعل البناء وتعزيز مشاركة كل طرف في صنع القرارات.

التعبير عن مدى الحب بشكل مباشر:

قوة العلاقة الزوجية تعتمد على قدرة الزوجين على التعبير المباشر عن مشاعرهم وحبهم لبعضهما البعض، مما يعزز الروابط العاطفية بينهم.

التواصل الفعّال:

يعد التواصل الفعّال أحد أهم عناصر العلاقة الزوجية الناجحة، حيث يمكن للزوجين التحدث بوضوح عما يشغل تفكيرهم والتعبير عن احتياجاتهم ورغباتهم.

الأمومة والأبوة:

تشكل الأمومة والأبوة رابطة قوية تؤثر بشكل كبير على نمو الأطفال. يتعين على الآباء توفير بيئة إيجابية لتنمية شخصية الأطفال، مع الانتباه إلى احتياجاتهم النفسية والعاطفية.

نمط الأسرة:

يمكن تصنيف الآباء بناءً على نمطهم التربوي إلى أنماط مختلفة، مثل الأب المُستبد، والمُتسامح، وغير المشارك، والرسمي أو الحازم. النمط الرسمي يعتمد على وضوح القواعد والمعايير مع التوجيه والدعم الفعّال للأطفال.

باعتماد هذه الممارسات، يمكن للزوجين بناء علاقة زوجية تتميز بالتفاهم والاحترام المتبادل والتواصل الفعّال، مما يسهم في تحقيق استقرار ورفاهية الحياة الزوجية.

 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-